موضوع: نقد من الدكتور شريف عرفه لتامر حسنى الخميس سبتمبر 06, 2007 4:54 pm
قابلت "تامر حسني" في بداية مشواره.. تكلمنا قليلا جدا وتبادلنا أرقام الهواتف. أذكر أنني كنت متحمسا لـ"تامر".. لدرجة أنني رسمت له لوحة كاريكاتورية وأهديتها إليه.. أذكر أنني كنت متحمسا لهذا الفتى.. كنت!
* * *
في البداية ظهر دويتو "تامر" و"شيرين".. كانت هذه هي الفرقعة التي يحتاجها أي فنان صاعد كي يلتفت الناس إليه.. لكن هل سيحافظ على انتباه الناس طويلا؟..
"محمد عطية" مثلا.. كانت فرقعته المدوية هي "ستار أكاديمي".. إلا أنه –في رأيي- لم يحافظ على انتباه الناس بعدها كما ينبغي.. بل أصبح مجرد: واحد مشهور..
لكن "تامر" مثابر فعلا.. فهو فنان حقيقي يؤلف ويلحن ويغني ويجتهد بحق ويختار أغانيه بعناية.. وطموحه يبلغ السحاب لو كنت قد لاحظت..
نجح "تامر".. واستمر في الصعود.. إلى أن جاءت المطبات
* * *
-1-
التهرب من أداء الخدمة العسكرية..
مطب عصيب.. وقف فيه جمهور "تامر" إلى جواره.. وأذكر أننا جميعا تعاطفنا معه.. أتذكرون هذه الأيام؟ يخرج "تامر" من الموضوع بسلام.. ليأتي مطب آخر:
-2-
اتهام بتزوير شهادة دراسية!
هذا ما نشرته بعض الصحف، وخرج "تامر" من الموضوع بسلام أيضا..
ماذا إذن؟
ترقبت لأرى ما هي هدية "تامر" لجمهوره، الذي وقف إلى جواره طوال هذه الأزمات..
كانت الهدية مجموعة من الأغاني.. وفيلما سينمائيا.. وليته لم يفعل..!
لا أعرف من الذي كتب على هذا الأفيش: (أجمل قصة حب) ! أجمل قصة حب يا تامر ؟ أهذا هو الحب الذي تعلمه لمعجبيك ؟
* * *
في ضجة إعلامية كبيرة، وبدون عرض خاص للنقاد والصحفيين كعادة أفلام "السبكي" الجديدة.. ظهر فيلم "تامر حسني" "عمر وسلمى". أقول إنني كنت مؤمنا بـ"تامر حسني" جدا جدا.. إلى أن شاهدت هذا الفيلم.
الفيلم ظريف ومليء بالكوميديا.. وأداء "تامر" فيه لطيف جدا.. لكن.. إيه ده يا جماعة؟
ما هذه الأخلاقيات السائدة بين جميع شخصيات الفيلم؟
• كان "عمر- الليَ هو تامر" شابا ظريفا ويتمتع بشعبية عالية في كليته.. فتجده يقرص الفتيات في وسطهن على سبيل الدعابة طوال الوقت.. البنات في الكلية -سكرتيرة والده- واحدة ماشية في الشارع .. والبنات عادي جدا.. هزار يا مان!
ملحوظة: في أمريكا ده اسمه تحرش جنسي ويعاقب عليه القانون.
• "عمر" شاب لطيف جدا.. يأتي بفتاة ليل (عاهرة يعني) إلى منزله.. قبل أن يحب "سلمى" طبعا.. وكمان أثناء علاقته العاطفية مع "سلمى" التي هي عصب الفيلم.. لأ و"سلمى" عرفت يا رجالة.. عملت إيه بقى؟.. اشتكت والده في مشهد كوميدي عادي جدا يا مان، خليك إيزي يا عزيزي.. شباب بقى!
• لكن "سلمى" زعلت قوي (مش عارف ليه) لما شافته في بيت "ميس حمدان" حبيبته الأولانية وهو فاتح صدر القميص... مع إنه مظلوم يا عيني.. ده حضنها بس يا جماعة ماعملش أي حاجة تانية.. إيه الظلم ده بس؟ (دي العقدة اللي في الفيلم بقى!)
• الحب بين الولد والبنت يعني الحرية الجنسية، بتعبير أ**ر رقيا.. دون الخوض في تفاصيل.
• في مشهد، يجلس "عمر" في مطعم أنيق مع والده وأصدقائه الفتيات، ليتبادلوا الحديث ضاحكين عن فضائح كل منهما الجنسية (الولد وأبوه)..
* * *
إيه ده يا "تامر"؟
هذا هو نموذج (الشاب الكوول) الذي تريد أن تراك معجباتك به؟
أنت تعرف يا "تامر" أن المعجبات يدخلن الفيلم عشان (يشوفوا تامر حسني).. فكيف شافوا "تامر حسني"؟ المراهقون يتعرفون على الحب (للأسف) من خلال الأفلام.. فهل هذا هو الحب يا "تامر"؟
الفتيات يتعرفون على مواصفات فتى أحلامهم من خلال أدوارك.. فهل أعطيتهن نموذجا يا "تامر" خصوصاً وأنت مؤلف القصة؟! أهكذا تريد أن يراك معجبوك يا "تامر"؟ أهكذا ترد لهم الجميل؟
لا تقل لي إنها الضرورة الدرامية وطبيعة الدور وما إلى ذلك.. مشهد التوبة غير مؤثر في السياق ويمكنك حذفه أصلا.. الفيلم ليس فيلم مهرجانات كي نتكلم بهذا الشكل، بل هو فيلم "تامر" الصيفي من انتاج "السبكي"... والشباب الصغير -ببساطة- داخلين يتفرجوا على "تامر"..
Master Scene
وعلى غرار الماسترسين.. أعجبني جدا مشهد شربك للخمر.. وتحديد اسم الماركة كمان على سبيل الإعلان.. كان مشهد روعة!
للأسف هكذا ظهرت لنا شخصية عمر في الفيلم.. و هي صورة لا أحبها لك يا تامر..
* * *
دعونا من "تامر" قليلا وقولوا لي:
لماذا دخل "غاندي" التاريخ ويحبه كل الناس، بينما "هتلر" مكروه؟ يقولون إن السبب هو: القيم!
لو كان للشخص قيمة عظيمة يدعو لها ويؤمن بها، سيكون إنسانا عظيما ويحترمه التاريخ..
غاندي: (رغم أنه كان يرتدي الأسمال) كان يؤمن بتحرير بلاده، فخلده التاريخ وأصبح رمزا..
هتلر: (رغم عدته وعتاده وجبروته) كان يؤمن بالتفرقة العنصرية، فلم يدخل سجل العظماء..
في مصر، في المجال الفني والغنائي مثلا.. ستجد بعض الفنانين الكبار يؤمنون بشيء ما.. وهذا الشيء هو ما صنع عظمتهم.. كـ"عبد الحليم حافظ" مثلا..
في العصر الحالي، ستجد نجما كبيرا هو "عمرو دياب"..
لو توقفنا عنده قليلا، سنجد أن هذا الفنان الشهير –رغم كل شيء- عنده قضايا نبيلة يحاول طيلة الوقت أن ينبه الشباب لها..
هل لاحظتم؟
•في لقاءات **يرة.. يكرر قصة كفاحه، وأنه كان يغني من أجل قروش قليلة ومأوى.. إلا أنه ثابر حتى وصل لما هو فيه..
• يعلن أنه توقف عن التدخين بعد أغنية "عودوني" ويظهر في مؤتمر صحفي وفي فمه (بونبون) كي يؤكد الخبر..
• يجري لقاء تلفزيونيا بينما هو يلعب الرياضة كي يلهم معجبيه ويجعلهم يقلدونه..
• وكل أفلامه رغم عدم نجاحها.. كانت تحمل هدفا ما وليست أفلاما للضحك فقط..
• وحين أعلن عن تفكيره في تمثيل فيلم جديد، قال إنه يفكر في فيلم وطني!
و"محمد منير" مثلا.. يؤمن بضرورة إحياء التراث النوبي.. وأقام متحفا (من حسابه الخاص) للحفاظ على آثار النوبة..
دعوني أسأل سؤالا: ما قضيتك يا "تامر"؟
* * *
"تامر" إنسان محترم كما يؤكد كل من عرفوه.. بينما هذا الشخص الذي رآه معجبوه في الفيلم، شخصية غير سوية.. وليس نموذج الشاب الكوول الذي يجب علينا جميعا أن نكونه.. أعجبني الفيلم بصراحة.. أعجبني أداء "تامر" وخصوصا مشهد البارفان وتصليح إطار السيارة.. والفيلم سينجح طبعا لأن به خلطة النجاح التجارية المعروفة.
* * *
لكن الموضوع كله بالنسبة لي يتلخص في هذا الموقف: وأنا جالس في السينما.. رأيت بنتا في الثانوي.. يبدو أنها زوغت عشان تخرج مع صاحبها، من ورا أهلها.. أنتم تعرفون هذا المنظر المؤسف.. رأيت الفتاة تشاهد هذا الفيلم.. وللأسف.. وجدت أن "تامر" لم يخبرها بأن ما تفعله خطأ..